" … فلما خشي زيوس أن ينقرض الجنس البشري , أرسل هرمس إليهم يحمل الوقار والعدالة لتكون هي المباديء النظامية التي تتبعها المدن والمجموعات التي تسودها الصداقة والسلام . سأل هرمس زيوس كيف ينشر العدالة والوقار بين الرجال ؟ هل يوزعها كما تُوزع الفنون , بمعنى أن تُوزع بين قلّة مفضلة فقط , فيأخذ الرجل الماهر الكفاية من علم الطب أو من فن آخر مثل أي رجل غير ماهر ؟ أتكون تلك الطريقة التي أوزع بها العدالة والوقار بين الناس ؟ أم أمنحها للجميع ؟ فقال زيوس : للجميع , فأنا أفضّل أن يأخذ كلٌّ بنصيب , ولا يمكن أن توجد المدن إذا حظي عدد قليل من الناس فقط بنصيب من الفضائل , كما هو الحال في الفنون , وأبعد من ذلك عليك أن تصدر قانوناً بأمري بأن من لا يملك نصيباً من الوقار والعدالة سوف يحكم عليه بالموت كالمنبوذ في الدولة .
وهذا السبب يا سقراط في أن الأثينيين والجنس البشري عامةً إذا ما أثير سؤال حول النجارة أو أي فن ميكانيكي آخر لا يسمحون إلا للقليل منهم بالاشتراك في مشاوراتهم وحينما يُقحم أي فرد آخر نفسه عليه , فإنهم – كما تقول – يعترضون إذا لم يكن من القلة المفضلين , وهذا أمر طبيعي فيما أرى . ولكن حينما يتناولون موضوع الفضيلة السياسية التي تتطلب نوعاً من العدالة والحكمة فإنهم يتقبلون بدرجة كافية أي شخص يتكلم عنها , وهذا أمر طبيعي , ذلك أنهم يعتقدون أن كل انسان ينبغي أن يحظى بنصيب في هذا النوع من الفضيلة , وأن الدول لا يمكنها أن توجد إذا كان الأمر على النقيض من ذلك "

أفلاطون – محاورات بروتاجوارس

Leave a Reply

*
To prove you're a person (not a spam script), type the security word shown in the picture. Click on the picture to hear an audio file of the word.
Anti-spam image