حظي المقفي غدى بي !

يحدثني أصدقائي عن مدى براعتي بالتقاط التعابير الجميلة من القصائد أو الأغاني , إن كان هذا صحيحاً فإني أدين لوالدي بهذا الفضل , في بيتنا القديم كان لدينا ( مشب ) , كان والدييملأه بمختاراته من القصائد , بمجرد دخولك إلى المشب يقابلك ( سلام أحلى من حليب المصاعيد ) , كان هذا البيت بالذات من أكثر الأبيات رسوخاً في ذهني , لتفهم هذا البيت جيداً عليك أن تتأمله كثيراً لتتذوق مدى براعة الوصف الذي يحمله , المقصود هنا " سلام أحلى من حليب الإبل " , ولكن لماذا لا يريّح نفسه الشاعر ويقول سلام أحلى من حليب الإبل وكفى ؟! , المصاعيد هي الإبل التي فجأة يتوقف درّها من الحليب ويبدأ بالصعود , يمثل الصعود المرحلة الأخيرة , يكون مذاق الحليب صفوة الصفوة , الشيء النادر الذي لا يستطيع جلبه إلا الخبير بالإبل , لذلك كان وصف السلام بمنتهى الروعة , وأنا لا أستطيع أن أفصل مختارات أبي دون الولوج في عقليته , عقلية صاحب الإبل وعقلية الرجل الاجتماعي الخبير في الوقت نفسه بطبائع الرجال , ( راعي الغنم يشيب من قبل شيبه .. والبل معزّة تجلي الهم والشيب ) هذا البيت تحديداً يمثّل عقلية عاشق " عطايا الله " , الشديد الانحياز لها عما سواها , و هناك أبيات أخرى كثيرة توضح قوانين المشبّ الذي لا يُمنع أحد من الدخول إليه ولكن بالمقابل عليهم الالتزام بمتطلباته , منها ( مالي بشيل الهرج من كل مقرود .. ولا لي بنقّال النميمة علاقه / هرج القفا يكره وراعيه مطرود .. مابه لرواد المجالس علاقه ) , هذه الأبيات البسيطة والمباشرة تحمل في طياتها معاني عظيمة , لا يستطيع أحد أن يتحدث بالسوء عن الآخرين وفي كل إلتفاتة له يقرأ هذه الأبيات , هذا المشب تعلمت منه الكثير الكثير , وأدين له ولصاحبه بعد الله بالفضل عما أنا عليه , تعلمت منه كل شيء تقريباً باستثناء صنع القهوة , كان والدي يدللني !

4 تعليقات to “حظي المقفي غدى بي !”

  1. يقول Sally Mahfouz:

    صدقت..

    إذا كانتِ الأمّ نبعَ الحنانِ..فالأبُ معينُ الحكمة !..

    و كلاهما يبدأ بـ( الحاءِ ) كما هوَ الحبّ الذي يجمعُ بينهما..

    حفظَ اللهَ والدكم، و باركَ في عمره.

    ،

    أذكرُ أنهُ عندما كانَ يمرّ أبي بجانبي ليضبطني متلبّسةً بتهمةِ قراءةِ روايةٍ ما..

    … كانَ يرددُ ( آه..علمٌ لا ينفعُ..و جهلٌ لا يضرّ ! ).

    إلى أن اقتنعتُ بتلكَ المقولةِ التي اقتبسها..

    … حتى صرتُ لا أقرأُ من الرواياتِ إلا الثريةَ منها بالأفكارِ و المعلوماتِ حتى لا يضيعَ وقتيَ فيما لا يعودُ عليّ بالفائدة..

    و ذلكَ بالإضافةِ إلى أصنافٍ أخرى من الكتب.

    كما كانَ يستشهدُ – حفظهُ اللهُ – بعبارةٍ تطابقُ الموقفَ في كلّ مرة..

    … ممّا أثّر في شخصيتي كثيراً.

    ،

    فكرةُ الـ( مشبّ ) جميلة 🙂 ..

    أشعرُ أنهُ كانَ مكاناً ملائماً للإختلاءِ بالنفس، أو بالآخرين في جوٍ دافيء.

    .

    دمتم بخير..

  2. يقول hopes:

    يصير نزورك فيه بليله شتويه ؟

  3. يقول نديّة:

    المهم الأشياء الجوهرية
    صنع القهوة ليس بذاك الأمر الصعب

    يحفظ لك الوالد

  4. يقول Lament:

    سالي ,

    حياك الله ,
    الله يحفظك لك الوالد يارب ..
    وشكراً على كلامك الجميل ياسالي ,

    ,

    hopes

    ياليت يا آمال 😥
    بس إنه كان فـ بيتنا القديم ..
    أشتاق له والله !
    شكراً لك يا آمال , شرفتيني ..

    ,

    نديّة

    يا أهلا وسهلا ..
    لا خلاص أنا الحين أعرف أسوي قهوة 😳
    ويحفظك يارب وكل من يعز عليك ,
    شكراً لك يا ندية ..

Leave a Reply

*
To prove you're a person (not a spam script), type the security word shown in the picture. Click on the picture to hear an audio file of the word.
Anti-spam image