" في تلك الفترة بدأ يتضّح أنني أتحول شيئاً فشيئاً, إلى "وزير تحت التمرين". كنت قد رأيت الأمير فهد بن عبدالعزيز في الستينات الميلادية (الثمانينات الهجرية) عدة مرات, إلا أن المقابلات لم تتجاوز السلام العابر. لم يتح لي أن أعرفه معرفة حقيقية إلا أثناء عملي في المؤسسة. بعد أسابيع قليلة من انتقالي إلى الدّمام زار الأمير فهد المنطقة وذهبت للسلام عليه. طلب أن يراني على انفراد, وبقيت بعد أن إنصرف الحاضرون. بدأ يتحدث بإنطلاق وعفوية وفُوجئت خلال الحديث أنه يتحدث عن فلسفة تنموية لا تختلف عن تلك التي كنت أطمح إلى وضعها موضع التنفيذ. قال الأمير فهد: "أنا لست من حملة الشهادات العالية ولست من المثقفين. ولا أعرف النظريات الإقتصادية. ولكني أعرف تماماً ما يريده كل مواطن. يريد المواطن بيتاً لائقاً يضمه ويضم أولاده. ويريد عملاً كريما يرتزق منه. ويريد مدرسة في الحي يرسل إليها أطفاله. ويريد مستوصفاً متكاملاً بقرب بيته. ويريد مستشفى لا تبعد كثيراً عن المستوصف. ويريد سيارة. ويريد خدمة كهربائية منتظمة. ويريد…" إتضح لي من خلال الحديث, أن الأمير فهد كان, عن غير قصد, يتبنى النظرية التنموية التي عُرفت, فيما بعد, بإسم اشباع الحاجات الأساسية. كان الأمير فهد وقتها نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية وقد بدأ يضطلع بدور متزايد في إدارة شئون الدولة. لم يقل الأمير فهد شيئاً عني ولكني في نهاية اللقاء خرجت بإنطباع واضح وهو أن في ذهنه لي دوراً يتجاوز تسيير القطار وإدارة الميناء".