“غامضٌ هذا الموت، يكاد لا يُصدَّق رغم رحلة المعاناة الطويلة. حلّ عليه باكراً وحلّ علينا صادماً. يتحدّثون عن نوبة قلبية سبّبت هذا الرحيل، وهو الذي قدّم في رمضان "ليطمئن قلبي" ("روتانا خليجية")، بيد أن بعض القلوب لا يدرك الطمأنينة حياً هو أم ميتاً. ليس طمأنينة اليوميات نقصد، بل الوجود برمّته، حيث يتراءى الدوسري كمن حمَّل الأعماق ثقل الكون حتى فاضت الأثقال وسقط.
ليس المرء بالسنين وعددها، هو في الروح، إن شابت شابَ، وإن أبقَت على الصِبا، عاشَ ضحكة الطفولة وشغب الأولاد ما دام يتنفَّس. لعلّ الدوسري انهمك في المشاغل حتى تراكم "شيبٌ" ما في الروح وكبَّر أوجاعها. شيبٌ لا يصيب إلا الأرواح المُصرّة على الأحلام العظيمة، والدوسري ممن لم يكتفوا بالسقف، في العمل وفي العيش، فشابَ الشعر جمالاً وشابت الروح أحمالاً، وما عاد القلبُ يقوى.
نُفاجَأ بالموت وهو يهبط في الليالي فيُفسِد الصباحات. نوبات القلوب تتروّى أحياناً حيث تشاء أن تصيب، فتمنح مَن هم دون الخمسين، ربما، فرصة عيش ثانية. الدوسري تقلّب بين الفرص، انتزعها بشغف مَن ينهش الحياة بجوارحه كلّها، ثم يذهب. حزينٌ صباح الغياب. الدوسري وسط السكينة، للمرة الأولى ربما”.
فاطمة عبدالله – صحيفة النهار
* أحبه كثيرًا، وحزنت كثيراً لخبر وفاته الصادم، ولا أدري لما يرحل الطيبون دائمًا أبكر مما يجب. هذا ليس اعتراضًا على قدر الله، فإن ربنا لا يقضي إلا بخير، لكنّ هذه الأرض امتلأت بغثاء الناس وشرارهم، وأصبح الطيبون قليلون ويرحلون. فعلاً إن الموت أمره غامض. رحمه الله وجمعنا به ومن نحب في الجنات وإنا لله وإنا إليه راجعون.