"يقول محمد عنان:
كان الملك فيصل يحرص أن يكون حوله مثقفون من مستوى رفيع. ليس ثقافة عادية. كان يأتي بشخص من فرنسا متخصص بالبوليتكنيك ويأتي بآخر من أميركا عنده مستوى. أحمد بن عبدالوهاب وصل إلى مرحلة يسمونه كإبن للملك فيصل. والدكتور رشاد فرعون كان إلى جانب الملك فيصل ولم يتركه لحظة واحدة. كمال أدهم مثلاً كان رئيس الاتصالات الخارجية. وأنا أعتبره ظاهرة. تمكن من ضبط الاتصالات العربية مع فيصل بطريقة لا أذكى منها أبداً، الاتصال بين الملك والرؤساء وليس جهاز استخبارات أو مخابرات. كان هو كل شيء. فمثلاً، في المهمات السرية الخاصة كان يذهب هو شخصياً ولا يكلف سفيراً أو غيره. الشيخ كمال أدهم كان يثق به فيصل ثقة عمياء، وكان يتكلم العربية والإنجليزية والفرنسية.
يقول أحمد بن عبدالوهاب عن أقرب مستشاري الملك فيصل:
رشاد فرعون كان أقرب شخص إليه. وعلاقته مع رشاد فرعون أن الأخير كان طبيب الملك عبدالعزيز، وكان فيصل عندما يذهب إلى عبدالعزيز يجد رشاد دائماً قريباً منه. وكان يتمتع بشخصية محبوبة وجاذبية خاصة، ولذلك عندما مات الملك عبدالعزيز وترك رشاد المملكة إلى باريس جاء به وعيّنه وزيراً للصحة. وكان قريباً منه وجليسه عائلياً، وليس عائلياً فقط. وكان رشاد فرعون أجرأ موظفي الملك فيصل عليه، بأدب طبعاً. وكان الملك فيصل رحمه الله يرتاح إلى رأيه. لم يكن فقط يستمع إليه، بل كان يرتاح إلى رأيه. وهو على الرغم من أنه طبيب جراح، إلا أنه كان يتمتع بأفق سياسي واسع. وهو سوري الأصل. وقد أخلص لفيصل وأدرك فيصل إخلاصه له، وهذه نقطة مهمة، لأن الإخلاص المتبادل بين شخصين في غاية الأهمية.
س: وكمال أدهم؟
ج: كمال أدهم كان ابناً له كواحد من أبنائه. ربّاه مثلما ربّاني، وكان كمال أخا زوجته. أنا وكمال أدهم كنا أول الأولاد الذين يلعبون في بيت الأمير فيصل.
أنا عشت معه يمكن أكثر من أولاده، لأنني كنت أعيش معه من الصبح، من السرير إلى أن يدخل السرير مرة ثانية… وأقرب شخص سياسي للملك فيصل في فترة مُلكه هو رشاد فرعون. ولم يكن فيصل يفرّق بين الناس فاكهة كذا وفاكهة كذا. كان الناس عنده سواء. ومن يقل لك إني كنت رقم واحد عند فيصل بلّغه سلامي وقل له إن أحمد عبدالوهاب يقول لا. أنا شاهد على العصر. وأنا أكرر ذلك. كان الملك فيصل عنده الناس سواسية".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه