أرشيف تصنيف 'الفيصل'

14 يناير 2014

"كتب روبرت ليسي يقول إن كسينجر بدا منفعلاً عندما حوّمت طائرته فوق البادية قبل أن تحط في الرياض. حاول أن يطلق نكتة، فجاءت "بائخة": "لن يخرج من الطائرة إلا السكسونيون البيض. هل بينكم سكسونيون؟" سأل كسينجر الصحافيين فارتفعت الأيدي. فقال لهم: "طيب، انزلوا من الطائرة في البداية، أما أنتم الثلاثة فآخر من ينزل". وأشار بيده إلى ثلاثة من الصحافيين اليهود. كان كسينجر يمزح، أو حاول أن يمزح.
حصل ذلك في 8 نوفمبر 1973م، بعد حوالي أسبوعين ونصف الأسبوع من حظر البترول السعودي.
وقبل يوم واحد كان كسينجر قد تحدث إلى أنور السادات في القاهرة، وسأله ماذا نتوقع "من أقوى عربي خلال الألف عام الأخيرة"؟
فأجاب السادات: يا دكتور كسينجر، الأرجح أنه سيلقي عليك محاضرة عن الشيوعية واليهود.
ولذا بدأ وزير الخارجية الأميركي من مبلغ 2.2 مليار دولار الذي خصصه الأميركيون للمساعدات الحربية لإسرائيل كي يبرر فعلتهم وقال:
كان هدفنا خلال الحرب، يا صاحب الجلالة، هو منع انتشار النفوذ الشيوعي في المنظقة. وعندما أرسل الاتحاد السوفياتي كميات كبيرة من الأسلحة إلى المنطقة (يقصد مصر وسورية) قرّرنا أن نرد على ذلك.
استمع إليه فيصل بصمت. لم يبتسم، بل كانت أصابعه الطويلة تدعك العباءة، كعادته حينما ينفعل. لم تقنعه تبريرات هذا الأميركي، ثم قال بصوته الرفيع:
نحن نعرف أن الولايات المتحدة، خلال تاريخها، وقفت دائماً ضد المعتدي… وعندما طمعت ألمانيا النازية في أراضي دول مجاورة… اعترضت الولايات المتحددة من دون أي تردد. وفي سنة 1956م لم تتردد الولايات المتحدة في معارضة التحالف بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عندما اشتركوا في الاعتداء على مصر. لهذا في سنة 1967م، عندنا اعتدت إسرائيل على مصر وسورية والأدرن، كان يجب على الولايات المتحدة… أن تضغط، في الحال، على إسرائيل لتعود إلى حدود 4 يونيو. لو فعلت ذلك لما حدثت التطورات الأخيرة.
وواصل الملك:
قبل تأسيس إسرائيل لم يكن هناك ما يعرقل العلاقات بين العرب واليهود، ولم يكن هناك سبب يدعو العرب إلى مقاومة اليهود. وكان هناك يهود كثيرون يعيشون في دول عربية، وكنا نسميهم "اليهود العرب". وقبل مئات السنين، وعندما عُذّب اليهود في إسبانيا (على أيدي محاكم التفتيش الكاثوليكية) قام المسلمون بحمايتهم.
وأضاف: "ستالين هو الذي قال في يالطا بلزوم قيام الدولة العبرية".
وبعد ذلك عرض الملك فيصل آراءه في شأن الصهيونية والشيوعية:
لسوء الحظ تعمل إسرائيل لتحقيق الأهداف الشيوعية… ويوجد وسط الذين يعتنقون الدين اليهودي من يؤيد الصهيونية… والمشكلة أن حرب سنة 1967م أعطت الشيوعيين فرصة لزيادة نفوذهم في الشرق الأوسط. لا يتوقف الشيوعيون عن خلق مشاكل لنا لأنهم يعرفون أننا أكبر حاجز أمام نشر مخططاتهم في المنظقة.
فأجاب كسينجر من دون ارتباك:
يا صاحب الجلالة، تواجه الولايات المتحدة مشكلة الانتقال من الوضع الحاضر، وهو وضع لا يقدر العرب على تحمله، إلى وضع سلام حقيقي.
فرد فيصل بإيجاز: "لتبدأو بأن تضغطوا على إسرائيل لتنسحب…" (في مثل هذا الموقف اقترح والد الملك فيصل الملك عبدالعزيز على روزفلت أن يؤسس موطناً لليهود في ألمانيا).
وسأل كيسينجر:"هل تستطيعون يا صاحب الجلالة أن تتخذوا خطوات تقيّد استخدام حظر البترول؟".
فأجاب الملك: "على الولايات المتحدة أولاً أن تأمر إسرائيل بالإنسحاب".
"ألا يفكر صاحب الجلالة بالتأثير النفسي لحظر البترول على موقف الأمريكيين من المسألة العربية؟"
فأجاب الملك فيصل: "يجب أن تعاد للفلسطينيين حقوقهم المشروعة".
كانت تلك أفكاراً واضحة عرضها الملك بكل بساطة، رداً على كل محاولات كيسينجر لدفع دبلوماسيته إلى الأمام.
إدوارد شيهان، أحد الصحافيين الذين مازحهم كيسينجر في الطائرة، أجرى ذلك اليوم مقابلة حصرية مع الملك فيصل، وسأله عن عائدية الأماكن المقدسة في القدس الشريف، فأجابه الملك: المسلمون والمسيحيون فقط لهم أماكن مقدسة وحقوق في القدس، ولا وجود لمقدسات عند اليهود هناك. وسأل الصحافي: وحائط المبكى؟ فكرر الملك فيصل: ليس لليهود أي حقوق في القدس. واستشهد بتقرير لعصبة الأمم جاء فيه أن حائط البراق (المبكى) جزء من المسجد الأقصى. وأضاف الملك: يمكنهم بناء حائط آخر يبكون أمامه".

الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014
"كان الملك فيصل حاد الذهن حتى خُيّل إليّ أحياناً أن يقرأ أفكار الآخرين. صحيح أنه ما كان يظهر عليه أن اكتشف كذب كيسينجر علينا. فالملك يجيد أداء الدور حتى النهاية".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014
"كان فيصل يعتقد صادقاً أن الصهيونية والشيوعية وجهان لمؤامرة دولية واحدة. ماركس كان يهودياً، وكان تروتسكي يهودياً أيضاً، وكثير من زعماء الثورة البلشفية في روسيا يهود. وعندما عرضوا على فيصل النسخة القيصرية المزورة من "بروتوكلات حكماء صهيون" اعتبرها دليلاً على صحة ما قاله والده من أن اليهود مرتدون عن الدين.
"فالبروتوكلات" تصور اليهود والماسونيين بأنهم دبروا مؤامرة تقويض المسيحية والعالم المتحضر من خلال دفعهم للحركة الليبرالية والاشتراكية.
يقول محمد عنان:
عندما زار وفد من الكتائب اللبناني، الحزب الماروني، برئاسة الشيخ بيار جميّل وعدد من أقطاب الحزب المملكة العربية السعودية، دخلنا على الملك فيصل فأخذ يقول للشيخ بيار جميّل: ابتعدوا عن شيئين لا ثالث لهما، الشيوعية والصهيونية. وأخذ يركز على هذه العبارة ليؤكد لبيار جميّل وجماعته أن لبنان إذا سمح لهذين الخطين ستكون نهاية لبنان، وخصوصاً الصهيونية. وعندما وقف الشيخ بيار جميّل تطلع فيه الملك فيصل وقال له يا شيخ بيار احذر الصهيونية، احذر ثلاث مرات.
وقال فيصل في حديثه إلى مجلة "نيوز ويك" عام 1970م: "إن الشيوعية هي من صنع الصهيونية".
ورداً على سؤال لمراسل المجلة وجّهه إلى جلالته يقول: هل يقلقكم ازدياد النفوذ الشيوعي في الشرق الأوسط؟
قال جلالته:
الصهيونية والشيوعية تعملان بتعاون وثيق لإحباط أي تسوية لإحلال السلام. إن ذلك كله من مكيدة كبرى، من مؤامرة ضخمة. إن الشيوعية هي من صنع الصهيونية، كما قلت، وهدفها هو تحقيق أهداف الصهيونية، وحين تتظاهر الحركتان الشيوعية والصهيونية بأن إحداهما تعمل ضد الأخرى في الشرق الأوسط، فإن ذلك من قبيل ذر الرماد في العيون ليس إلا".

الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014
"كان فيصل ضد الإلحاد والشيوعية. كنا في أفغانستان نزور الملك ظاهر شاه، وكان البرتوكول الأفغاني في تلك الأيام يقتضي أن رئيس الدول الضيف، قبل أن يقيم رئيس الدولة المضيف العشاء، يُقّدم له السلك الدبلوماسي. ووقف الملك فيصل لاستقبالهم، فجاؤوا بسفير الإتحاد السوفياتي ولا أتذكر اسمه، لكنه يتكلم عربي كما نتكلم أنا وأنت عربي. فقال له: يا صاحب الجلالة، أول من اعترف بنظام أبيك هو الاتحاد السوفياتي، فلماذا لا تفتح سفارة وتعترف بالإتحاد السوفياتي؟ فرّد عليه الملك فيصل وأنا واقف هناك: يا جناب السفير، اذهب لموسكو وقل لهم فليعترفوا بالله وأنا أفتح سفارة عندها غداً. ثم أن الملك فيصل كان ضد الصهيونية، وكانت نظريته هي العلاقة ما بين الشيوعية والصهيونية. هذه هي المسألة. وكان لا يتورع عن أن يحكي هذه القصة لأول أجنبي يجلس معه. حتى مع كسينجر حصل ذلك".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014
"يجب علينا أن نعود إلى أنفسنا وأن نحاسب أنفسنا، لماذا تصيبنا هذه النكبات ولماذا نتعرض لهذا العدوان من أعداء الإسلام وأعداء البشرية وأعداء الإنسانية؟!
– من كلمة وجهها الملك فيصل إلى حجاج بيت الله الحرام عام 1970م."
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014
"يقول أحمد بن عبدالوهاب:
القصور الفاخرة كلها لم تبنَ في عهد الملك فيصل يا سيدي العزيز. لم نبنِ قصوراً فخمة. الرجل ما كان يؤمن بهذا. كان اشتراكياً… هاهاها".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014
"رباطة الجأش وضبط النفس إلى جانب الإحترام في معاملة الآخرين والمرؤوسين وحتى الخدم من خصال فيصل التي تمثّل في حد ذاتها ظاهرة مميزة. فكان من هذه الناحية يختلف حتى عن والده شديد الانفعال رغم قدرته على ضبط أعصابه في اللحظة المناسبة. أُورد بهذا الخصوص بعضاً مما أكده معاصروه.
يقول هشام ناظر :"عمرك لا تسمع كلمة بذيئة من فم الملك فيصل. عمرك لا تسمع أي نوع من الشدة حتى لو غضب".
يقول نهاد الغادري:
لم يسمع أحد أولاده أو زوجته أو إنسان آخر صوته مرتفعاً أبداً. ولم يسمع منه أحد في حياته كلمة نابية. ولم يشتم حتى في عصبيته. وإذا غضب لا يظهر منه الغضب. قد يبدو عليه الألم، لكنه يكبت مشاعره. قدرة عجيبة. لا تستطيع أن تقرأ في وجهه شيئاً. وجه ثابت. مشاعره الداخلية لا يعبر عنها لا بالحركة ولا بالكلمة. الذين يعرفونه من قريب يعلمون أن الطريقة التي يتعامل فيها مع ثيابه تدل على أنه متنرفز إذا كان متنرفزاً. وإذا بدأ ينتف بهدوء معنى ذلك أن الحديث الذي يسمعه، يريد أن يعطي إشارة بأنه غير مهتم به أو أنه منزعج.
يقول أحمد بن عبدالوهاب:
إذا غضب يغضب من دون أن ينظر إلى الشخص الذي أمامه، ولايقول كلمة نابية، يا سعيد أو يا بعيد أنت كذا، أبداً. وهو لا يعرف كلمات مثل يا كلب، يا حمار، أبداً. لا، أبداً. أنا شخصياً والله ما سمعت منه أي كلمة. كان متمكناً من نفسه، ولكن إذا زعل يزعل. ومن ميزات الأمير والملك أنه كان من الرجال القليلين الذين يقيّمون الخطأ. وتقييم الخطأ يعني أنه ليس كل خطأ يثير زعله. إذا غلطت معه ماكان يزعل لمجرد أنك غلطت معه، لكنه يقيّم غلطتك وقد يجد لك عذراً في غلطتك. ولكن إذا طفح الكيل وغضب يغضب حقاً".

الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014

"يقول محمد عنان:
كان الملك فيصل يحرص أن يكون حوله مثقفون من مستوى رفيع. ليس ثقافة عادية. كان يأتي بشخص من فرنسا متخصص بالبوليتكنيك ويأتي بآخر من أميركا عنده مستوى. أحمد بن عبدالوهاب وصل إلى مرحلة يسمونه كإبن للملك فيصل. والدكتور رشاد فرعون كان إلى جانب الملك فيصل ولم يتركه لحظة واحدة. كمال أدهم مثلاً كان رئيس الاتصالات الخارجية. وأنا أعتبره ظاهرة. تمكن من ضبط الاتصالات العربية مع فيصل بطريقة لا أذكى منها أبداً، الاتصال بين الملك والرؤساء وليس جهاز استخبارات أو مخابرات. كان هو كل شيء. فمثلاً، في المهمات السرية الخاصة كان يذهب هو شخصياً ولا يكلف سفيراً أو غيره. الشيخ كمال أدهم كان يثق به فيصل ثقة عمياء، وكان يتكلم العربية والإنجليزية والفرنسية.
يقول أحمد بن عبدالوهاب عن أقرب مستشاري الملك فيصل:
رشاد فرعون كان أقرب شخص إليه. وعلاقته مع رشاد فرعون أن الأخير كان طبيب الملك عبدالعزيز، وكان فيصل عندما يذهب إلى عبدالعزيز يجد رشاد دائماً قريباً منه. وكان يتمتع بشخصية محبوبة وجاذبية خاصة، ولذلك عندما مات الملك عبدالعزيز وترك رشاد المملكة إلى باريس جاء به وعيّنه وزيراً للصحة. وكان قريباً منه وجليسه عائلياً، وليس عائلياً فقط. وكان رشاد فرعون أجرأ موظفي الملك فيصل عليه، بأدب طبعاً. وكان الملك فيصل رحمه الله يرتاح إلى رأيه. لم يكن فقط يستمع إليه، بل كان يرتاح إلى رأيه. وهو على الرغم من أنه طبيب جراح، إلا أنه كان يتمتع بأفق سياسي واسع. وهو سوري الأصل. وقد أخلص لفيصل وأدرك فيصل إخلاصه له، وهذه نقطة مهمة، لأن الإخلاص المتبادل بين شخصين في غاية الأهمية.
س: وكمال أدهم؟
ج: كمال أدهم كان ابناً له كواحد من أبنائه. ربّاه مثلما ربّاني، وكان كمال أخا زوجته. أنا وكمال أدهم كنا أول الأولاد الذين يلعبون في بيت الأمير فيصل.
أنا عشت معه يمكن أكثر من أولاده، لأنني كنت أعيش معه من الصبح، من السرير إلى أن يدخل السرير مرة ثانية… وأقرب شخص سياسي للملك فيصل في فترة مُلكه هو رشاد فرعون. ولم يكن فيصل يفرّق بين الناس فاكهة كذا وفاكهة كذا. كان الناس عنده سواء. ومن يقل لك إني كنت رقم واحد عند فيصل بلّغه سلامي وقل له إن أحمد عبدالوهاب يقول لا. أنا شاهد على العصر. وأنا أكرر ذلك. كان الملك فيصل عنده الناس سواسية".

الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014

"عندما عاد فيصل من القاهرة إلى جدة أوائل خريف 1964م علم أن أنصاره أجروا محادثات متوترة مع الملك لإقناعه بالتنازل عن العرش. فقال في معرض تقييمه لتصرفات أخيه: أُعالج جرحاً فينفتق جرح آخر. وفي 24 أكتوبر غادر فيصل جدة متوجهاً إلى الرياض عن طريق البر من دون استعجال، تاركاً الأحداث تتطور من دون أن يتدخل فيها. عاد الأمراء إلى العاصمة بعد لقائهم معه في جدة لينهوا المهمة ويضعوا فيصل أمام الأمر الواقع.
عندما كان الأمراء والعلماء مجتمعين للتشاور في الرياض، سلك فيصل الطريق من جدة إلى العاصمة وطوله 1300 كيلومتر على مهل ومن دون تسرع. فالتقى وجهاء القبائل وأوضح لهم الموقف، مثلما فعل والده عبدالعزيز في حينه، وحدثهم عن خططه ومشاريعه وعن خلافه مع الملك سعود، ووزع عليهم الهدايا. وكان واضحاً له أن القبائل تقف إلى جانبه.
كانت الرياض هادئة، لأن الجميع مهيأون نفسياً للتغييرات.
عبدالله بن عبدالرحمن، عم الأمير فيصل وصديقه منذ الطفولة، بحث قضية خلع الملك مع أبرز الشيوخ والعلماء، وفهم أنهم يشاطرونه فكرته، فيما كان هو يؤدي الدور الرئيس في المفاوضات مع سعود أيضاً.
وفي 29 أكتوبر 1964م اجتمع نحو مئة من كبار الأمراء والعلماء في فندق "الصحراء" أو "صحارى بالاس" قرب مطار الرياض. في الزمن الحاضر، هذا الفندق محاط بالفيلات والمباني العالية الكثيرة. أما في تلك الفترة فكان عبارة عن بناية مربعة بلون المغرة تنتصب وحيدة في الصحراء.
وقبل ذلك بقليل التقى كبار الأمراء في منزل خالد بن عبدالعزيز، الأخ غير الشقيق للأمير فيصل وصديقه الحميم، وقرروا إرغام سعود على التخلي عن العرش. وكان كبار العلماء أيضاً مستعدين لتنصيب فيصل ملكاً على البلاد.
وقد أعدّ العلماء الفتوى اللازمة، فيما توجه وفد الأمراء وأهل الحل والعقد لمقابلة الأمير فيصل.
كتب دوغوري في وصف هذا اللقاء يقول:
عرف فيصل بنبأ الفتوى مساء 29 أكتوبر أثناء التقائه بشيوخ القبائل. وبعد أن قرأ نص الفتوى أذّن المؤذن داعياً إلى صلاة العصر، فمضى فيصل ليصلي من دون أن ينبس ببنت شفة. وعاد بعد الصلاة صامتاً أيضاً، إلى أن طالبه رسل الأمراء والعلماء بالجواب. فقال: انتظروا الجواب حتى صلاة المغرب. وعندما حان الموعد طالبوه بالجواب من جديد. فقال: من حقي أن أسألكم كيف تنوون تنفيذ قراركم. فأجابوه: نعلن أنك أنت الملك. فسأل فيصل في شبه ابتسامة: وماذا بشأن الملك الحالي؟ فلم يجيبوا عن السؤال. فواصل فيصل كلامه: نحن في بيت عبدالعزيز لا نسقط ملكاً إلا بعد فشل كل محاولات الإقناع، فهل استنفدتم كل إمكانيات الإقناع؟ فهتف أعضاء الوفد: والله أنت ملك حقيقي.
عاد الوفد إلى الرياض ومضى إلى قصر "الناصرية" لإقناع الملك بالتنازل عن العرش. وقالوا له إن بوسعه أن يختار أي طريقة يرغب فيها للتخلي عن الحكم. حدثوه عن موقف فيصل الرافض للخلع، وحذروه قبل أن ينصرفوا بأنهم يأملون تسلّم الجواب بحلول صباح الثاني من نوفمبر. فإذا امتنع عن التنازل فإن الأمراء والعلماء سينفذون قرارهم بحقه.
آنذاك وصل فيصل إلى الخرج التي تبعد 70 كيلومتر عن الرياض، واستقبل هنا وفداً حدثه عما جرى أثناء اللقاء مع الملك، فطلب منهم أن يواصلوا محاولات اقناع أخيه وتحذيره، لأنه هو، فيصل، لا يريد القيام بأي خطوة تسيء إلى سمعة آل سعود والعرش السعودي، اللهم إذا تعرضا فعلاً لخطر عظيم. وأصرّ أعضاء الوفد على أن مهمتهم انتهت، وبات على الأمراء وفيصل نفسه أن ينفذوا الفتوى.
في 31 أكتوبر التقى كبار الأمراء الملك سعود من جديد، ولكن من دون جدوى. وفي اليوم ذاته وصل فيصل إلى الرياض.
استدعى فيصل أخاه خالد، نائب رئيس الوزراء، إلى القصر وبحث معه ومع باقي الأمراء خطة العمل اللاحق. ظل الموقف على حاله في 1 نوفمبر.
كان الجميع يدركون ضرورة وضع حد لازدواجية السلطة بنحو حازم. "حرام أن نضحى بالبلاد". في مثل هذه العبارة يكمن منطق تصرفاتهم.
وفي الجلسة المشتركة لمجلس الوزراء ومجلس الشورى برئاسة خالد بن عبدالعزيز قرر الحاضرون بالإجماع مبايعة فيصل بالمُلك والامامة.
كتب منير العجلاني يقول:
حمل قرار مجلسي الوزراء والشورى إلى فيصل، وفي حضور عدد من أكابر العلماء والأمراء، فوقف المفتي الأكبر للمملكة ورئيس قضائها معلناً البيعة لجلالة الملك فيصل باتفاق رجال الحل والعقد ومن ورائهم الشعب كله. قال سماحته موجهاً الخطاب إلى فيصل:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وبعد، فقد حصل الاتفاق والاجماع من أمراء سائر العائلة المكرمة السعودية ومن طلبة العلم على خلع سعود بن عبدالعزيز، وهو الآن مخلوع، وسيبايع فيصل الآن، نسأله تعالى أن يوفق فيصل لما يحبه، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
ثم تقدم سماحته فبايع جلالة الملك المعظم قائلاً:
لقد بايعتك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى إقامة العدل والإنصاف والقيام بأمور الإمامة وأداء حقوقها، المعروفة والمعلومة، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
فأجاب صاحب الجلالة:
وأنا من جانبي أبايعكم على اتباع كتاب الله وسنة رسوله وتحكيم الشريعة، وأن أكون خادماً للشرع في جميع الأمور، وأن أسعى بكل مافي إمكاني لحفظ كيان هذا البلد وخدمة مواطنيه فيما يصلح دينهم ودنياهم […].
وتوالى الحاضرون من الأمراء والوزراء والعلماء والأعيان بمبايعة جلالته".

الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014
"قال عبدالعزيز لأحد مستشاريه وهو جالس في الكرسي المتحرك والدموع تترقرق في عينيه: ياليت عندي ثلاثة أولاد مثل فيصل".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014
"يقول أحمد عبدالوهاب عن الملك فيصل:
كان عائلياً، والفضل في كونه عائلياً يرجع إلى الملكة عِفّت. فهي التي أوجدت له الجو العائلي، وهي التي ربّت هؤلاء الأولاد الذين رأيتهم. وأنا أعتقد أن عفّت ربّته هو نفسه. فكان لها تأثير كبير عليه. ولذلك يقال في تاريخنا العربي إن كل رجل عظيم وراءه امرأة. كثير من العظماء وراءهم امرأة".
الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

14 يناير 2014

"كتب المستشرق محمد أسد يقول:
كنت جالساً في المكتبة تحت نوافذ المسجد الكبير. وكان الجو مريحاً في الحجرات المستطيلة الظليلة، بين المجلدات العربية والفارسية والتركية. الهدوء يخيم هناك والوئام. وفجأة ظهرت جماعة وأمامها حراس مسلحون. كانت الجماعة هي الأمير فيصل وحاشيته. مروا بالمكتبة في طريقهم إلى الكعبة. كان الأمير نحيلاً فارع القامة، والكرامة تشع من محياه ومن قيافته. وهو في الثانية والعشرين آنذاك، لم يكن ملتحياً. قدمني إليه أمين المكتبة، وهو عالم من أهالي مكة تربطني به علاقة صداقة. صافحني الأمير، وعندما انحنيت احتراماً له رفع رأسي بيده وقال والابتسامة الدافئة تشع على وجهه: نحن أهل نجد نعتقد أن الإنسان يجب ألا يركع أمام الإنسان. فالركوع في الصلاة لله وحده. كان نبله ينبع من دخيلته وليس ظاهرياً متظاهراً".

الملك فيصل شخصيته وعصره وإيمانه

8 يونيو 2013

" في خريف سنة 1974م (1394هـ) قرّر الملك فيصل, رحمه الله, أن يزور المنطقة الشرقية, وقرر أن يأتي بالقطار. أُبلغنا بالخبر قبل الرحلة بأقل من اسبوعين, و وقع الخبر علينا وقع الصاعقة. كان الملك سعود, رحمه الله, يحب استخدام القطار, إلا أن الملك فيصل لم يسبق له خلال فترة حكمه أن استعمل القطار. كانت هناك عربة ملكية إلا أنها بعد سنين من عدم الاستعمال لم تعد صالحة. أثبت الزملاء العاملون في الورشة أنهم على مستوى التحدي. خلال تلك الفترة الوجيزة تمكنوا من تجهيز عربة ملكية جديدة تحتوي على صالة وغرفة نوم (لم يستعملها الملك!) وغرفة طعام. في الموعد المحدد كان كل شيء جاهزاً, وكنت في محطة الرياض استقبل الملك فيصل و أسافر في معيته.

كنتُ قد رأيت الملك فيصل, أول ما رأيته, خلال عملي في اليمن. بعد ذلك, خلال عملي في الجامعة, كنتُ أذهب للسلام عليه وتناول العشاء على مائدته مرة كل ثلاثة شهور أو أربعة. كان الجلوس على مائدته متعة كبرى. كانت الطاولة صغيرة وكان بوسع الموجودين جميعاً المشاركة في الحوار. كان الملك يتحدث في عدد من المواضيع أقربها إلى قلبه الشئون الخارجية. عبر حياته كلها كان الملك فيصل قليل الكلام إلا أنه في سنواته الأخيرة أصبح يميل إلى التأمل والسكوت وكان نادراً ما يتحدث. أتاحت لي سفرة القطار أن أشهد عن كثب, الإنضباط الصارم الذي كان مفتاح شخصيته.
جلس على المقعد بقرب النافذة ولم يتحرك طيلة الرحلة التي استغرقت قرابة سبع ساعات. خلال هذه الساعات لم ينطق إلا بجملتين أو ثلاث. ما أدهشني هو أنه استطاع البقاء هذه الفترة الطويلة دون أن يتململ, أو يغّير جلسته, أو يطلب شيئاً, أو يقول شيئاً. طلب مني الصديق الأستاذ محمد النويصر, رئيس المكتب الخاص وقتها, أن أذهب إلى الملك واشرح له معالم الطريق. لم يكن الملك فيصل يحب المتطفلين, ورأيت أن من التطفّل أن أحدثه عن مواقع يعرف عنها أضعاف ما أعرف أنا. رأيتُ على مائدته, أكثر من مرة, ما يحدث لأولئك الذين كانوا يخوضون في مواضيع لا يكادون يعرفون شيئاً عنها. كانت تعليقات الملك النفّاذة تتركهم صامتين ولسان حالهم يُردّد "رُبَّ كلمةٍ قالت لصاحبها: دعنيّ!". أثناء زيارة الملك كُلفت بإلقاء كلمة الأهالي الترحيبية. كانت كلمة من طراز فريد: لم يكن فيها أي إطراء شخصي. أخبرني الأمير سلطان فيما بعد, أنه لم ير الملك يصفق إلا تلك الليلة".
حياة في الإدارة

11 نوفمبر 2010

" الملك : لست عنصرياً عندما أقول ذلك . وليست المشكلة عنصرية , ولكنها إحقاق الحق . ونحن نتعامل في هذه المنطقة مع ناس بنفس هذا المقياس , سواء يهود أو غير يهود . وهدفنا هو إحقاق الحق . ولهذا يجب أن تتأسس في فلسطين دولة مختلطة من المسلمين واليهود . لا يوجد من يشير إلى الولايات المتحدة بأنها ( دولة مسيحية ) لأنها دولة ديمقراطية , ومفتوحة لكل الأديان ..
كسينجر : ياصاحب الجلالة , تواجه الولايات المتحدة مشكلة الانتقال من الوضع الحاضر , وهو وضع لا يقدر العرب على تحمله , إلى وضع سلام حقيقي .
الملك : لتبدأو بأن تضغطوا على اسرائيل لتنسحب .
كسينجر : نعم , أتفق مع جلالتكم في هذه النقطة , وهي أن على اسرائيل أن تنسحب . لكن المشكلة هي كيف نقدر على تحقيق ذلك ؟ إذا سمحتم لي جلالتكم , أود أن أشير إلى بعض آرائنا في هذا الموضوع .
الملك : أنا متأكد بأن اسرائيل ستنسحب في نفس اللحظة التي تعلنون فيها أنكم لن تحموها , ولن تدافعوا عنها , ولن تدللوها .
كسينجر : أنا فكرت في آراء جلالتكم هذه . ويجب أن أقول إن فيها موضوعية كبيرة .. نعم , تقدر الولايات المتحدة على الضغط على اسرائيل لتحقيق السلام . نعم , جلالتكم على حق في هذه النقطة . لكن , هذه مهمة صعبة جداً . والسبب هو أن الظروف الداخلية التي تؤثر على علاقات الولايات المتحدة مع اسرائيل هامة جداً بالنسبة لجماعات داخلية معينة ( يقصد اليهود وحلفاء اسرائيل ) . ويعود سبب فشل كثير من محاولات حل المشكلة في الماضي إلى أننا عالجناها كمشكلة خارجية . ولم نبذل جهدا كافياً لمواجهة الجانب الداخلي لها . ياصاحب الجلالة , أنا أتحدث معكم في هذا الموضوع حديثاً صريحاً جداً .
الملك : أقدر صراحتكم . وأبادلكم الصراحة . وأقول لكم إن مواطن أي دولة يجب أن يدين بالولاء لهذه الدولة ( الولايات المتحدة ) , لا لدولة أخرى ( اسرائيل ) .
كسينجر : ربما هذا صحيح . لكن , الحقيقة هي أن كثير من الأمريكيين في مواقع هامة , في الحكومة , وفي الكونغرس , يرون أن مصالح الولايات المتحدة ومصالح اسرائيل متطابقة .
الملك : أكرر لكم أننا لا نفهم هذا الوضع . ماهي مصلحة الولايات المتحدة في ذلك ؟ نحن نرى أن اسرائيل عبء على الأمريكيين . إنها تكلفكم كثيراً .. "

30 مايو 2010

 

" ارحموه .. إنني لا أكنّ كراهية له , إنني أودع المملكة أمانة في أيديكم , احذروا الصدامات والأعداء . حافظوا على وحدة الصفوف . أما بالنسبة لي فإنني أشعر بأنني سأموت ولن أشفى من جروحي "

آخر كلمات الملك فيصل قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة . رحمه الله

29 مايو 2010

 " كنتُ واقفاً في الصحراء عندما اقتربت سيارة مني , كانت مكشوفة ومن النوع القديم , وقد جلس فيها جدي الإمام عبدالرحمن , ووالدي عبدالعزيز وأخي الأكبر تركي الذي توفي عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري , وعمي سعد الذي قُتل في معركة مع العجمان . كانوا كلهم في السيارة معاً , وعندما رأوني توقفوا ولوحوا لي بأيديهم . قال والدي : تعال معنا في السيارة يافيصل .. وخرج ليأخذ بيدي . شعرت بسرور غامر لرؤية أفراد عائلتي الذين توفوا قبل مدة طويلة وخطوت خطوة نحوهم . عندها شعرت بخوف فظيع ! أردت أن أستدير وأهرب , ولكن والدي أمسك بيدي , قاومت فشدني إليه , قاومت أكثر , فخرج الآخرون من السيارة ليساعدوه . معاً جروني إلى الداخل عنوة , وسرعان ما أقفل الباب وتحركت بنا السيارة … "

حلم آخر أسرّ به الملك فيصل لإحدى عماته في يناير 1975 وقال لها إنه لايستطيع أن يستمد منهما إلا استنتاجاً واحداً : أنه ليس من المقدر له أن يعيش أكثر من بقية السنة . رحمه الله

20 فبراير 2010

" أنا رجل طاعن في السن .. وأمنيتي أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى قبل أن أموت , فهل تساعدني على تحقيق هذه الأمنية ؟ "

 

* حوار بين الملك فيصل رحمه الله ووزير الخارجية الامريكي هنري كسينجر , حينما رأى الملك متجهماً وقال له " إن طائرتي تقف هامدة في مطار جدة بسبب نفاد الوقود , فهل تأمرون جلالتكم بملئها وأنا مستعد للدفع بالأسعار الحرة ! "

15 يناير 2009

 

" فإذا كنا يافخامة الرئيس في هذيك الأيام وتلك السنوات , رأينا أنفسنا في حاجة إلى أن نتكاتف ونتعاون ويشد بعضنا أزر بعض , فإننا في هذه اللحظات نجد أنفسنا أكثر حاجةً وإلحاحاً في أن نقوي من أواصر هذا التآخي وهذا التآزر تجاه ماتتعرض له اليوم أمتنا وبلادنا ومقدساتنا من عدوان آثم غادر , لا يرعى حرمة لمقدسات , ولا يراعي قوانين أو أعراف دولية أو إنسانية أو اخلاقية , وإنما يسوقه إلى ذلك الغدر والخديعة والمطامع السيئة , ليبسط نفوذه ليس فقط على هذه المنطقة من العالم , وإنما يحاول أن يكون نفوذه شاملاً لجميع اقطار العالم , وهذا مانراه اليوم أمام أعيننا فيما يظهر في المحافل الدولية , وفي البلدان الأجنبية شرقية كانت أم غربية , فإننا نرى النفوذ الصهيوني يتغلغل في كل الإدارات وفي كل المرافق وفي كل التوجيهات السياسية وغير السياسية , وكل مايمكن أن يقال في هذا السبيل هو أننا اخوة متعاونون متكاتفون , هادفون إلى الخير , متجنبين الشر , لا نريد سوءًا بأحد , ولكننا لا نطيق أن نخضع أو نتراخى لظلم الغير أو لإذلاله , وإن كان في ذلك الموت الزؤام . فخامة الرئيس , إن حق العرب في بلدهم السليم , وحق مواطنيهم المشردين في كل أقطار العالم الآن ,لا يمكن أن تمحوه أو أن تطغو عليه اضاليل الباطل , والدعايات المغرضة , والأهواء المتعجرفة , وسوف لن يضيع حق وراه مطالب , فإذا كان في هذا اليوم نظهر بمظهر المغلوبين وللأسف , فإننا بحول الله وقوته سيأتي اليوم الذي نرى فيه أن نكون قادرين على استرجاع حقوقنا وبلادنا , وحينما يأتي هذا اليوم فلن نكون بحول الله متغطرسين أو متعجرفين كما يعمل الأعداء اليوم , ولكننا سنكون عادلين , منصفين , مقرين للعدالة الاجتماعية , ومنصفين المظلوم من الظالم , ولن نعتدي على حق أحد , ولكن ليس معنى هذا أن نتراخى أو نتناسى حقوقنا , أرجو أن تثقوا بأن هذا الشعب بما له من إيمان بالله ومُثل عليا , وتمسكاً بتقاليده الموروثة , سوف يكون بحول الله وقوته في مقدمة المناضلين المكافحين عن الحق والعدل وعن الكرامة والانسانية , وعن كل مافيه رفعة وعزة لهذه الأمة في مشرقها وفي مغربها "

كلمة مرتجلة للملك فيصل رحمه الله أمام الرئيس اللبناني شارل حلو

21 فبراير 2008

" سأظل أفكر في العمل طوال الوقت . لا أستطيع الاسترخاء . لا أستطيع أن أتذوق الحياة نفسها , أقول لك يا عبدالله , إنني لم أعد أفرق بين ماهو بارد وماهو ساخن "

الملك فيصل بن عبدالعزيز

21 فبراير 2008

" كنت في بيت طيني قديم , مثل بيت جدتي الذي عشت فيه عندما كنت صبياً في الرياض , وكنت في جناح النساء . فتحتُ باباً , وهناك في إحدى الغرف رأيت جدتي , وأم جدتي التي أستطيع أن اتذكرها , وكذلك نورة , عمتي التي تزوجت سعود الكبير , ومع أنني أعلم أنهن جميعاً في عداد الأموات , فإنني لم أدهش لرؤيتهن جالسات معاً يتجاذبن أطراف الحديث هناك . ولكن كانت هناك امرأة أخرى جالسة معهن ولم أعرفها ! , مع أنها كانت تتحدث إليهن وكأنها صديقة حميمة , بل وحتى من أفراد العائلة , فإنني لم أعرف من كانت . بقيت عند الباب , بعيداً عن الغريبة إلى أن لمحتني جدتي ونهضت لتدخلني إلى الغرفة , ثم ابتسمت وقالت : " مابك يافيصل ؟ لا تكن خجولاً . تعال ! تعال وألق التحية على طرفة . ألا تعرف أمك؟! لقد حان الوقت لتقابلها الآن " . وفجأة شعرت بالخوف يتملكني ..

فيصل بن عبدالعزيز
أسرّ بهذا الحلم إلى إحدى عماته قبل أسابيع من إغتياله ..
رحمه الله !